صالح نجم: عشقت دبا بعد اجتياز طريق الموت -صور

769688873

3417737053

1671176781

موقع الطويين : البيان

الوافدون العرب الذين حضروا إلى الإمارات مع بداية الاتحاد، هؤلاء الرجال منهم والنساء لهم دور كبير في النهضة العلمية والثقافية والصحية والهندسية في الدولة، حيث كانوا خير مساندين لنهضتها وتنميتها بدأوا مع إخوانهم المواطنين في العمل لتعمير هذا البلد وبناء المناطق السكنية وتطوير المناهج الدراسية والعمل بالمستشفيات، وكثير من الأطباء والكوادر التمريضية و الفنية من العرب لهم بصمة خاصة في العمل الإنساني.

من هؤلاء الممرض صالح أحمد نجم يبلغ الآن من العمر61 سنة، فلسطيني وواحد من المقيمين العرب الذين حضروا إلى الإمارات بداية الاتحاد، وبالتحديد في شهر أغسطس من عام 1974، فهو واحد من أوائل العرب الوافدين الذين وطأت أقدامهم أرض دبا واستقروا للعمل والإقامة بها منذ 40 عاما.

يقدم نفسه في لقاء مع “البيان” كرجل بسيط عمل بإخلاص وجد واجتهاد وترك بصمة في عمله الصحي سواء في العمل الميداني أو الشؤون الإدارية، وقبل حضوره إلى الإمارات عمل في مجال التمريض في لبنان، وجاء للعمل هنا مع أخويه. ضيفنا يحدثنا خلال هذا اللقاء عن محطاته الشخصية والتعليمية والاجتماعية والعملية، وعن غير ذلك من الأمور والذكريات فقال:

بداية المشوار

يتكلم صالح أحمد أو كما يكنى بـ ” أبوباسل ” في مستهل حديثه عن مولده قائلا: بأنه من أصول فلسطينية ولد في لبنان بمخيم نهر البارد في مدينة طرابلس وترعرع فيها، وواصل تعليمه حتى نهاية المراحل الدراسية، والتحق مباشرة في معهد التمريض بعد تخرجه من المرحلة الثانوية. وتخرج بعد عامين والتحق للعمل بمستشفى طرابلس نفس المدة أيضا. و قرر التوجه للعمل في الإمارات بناء على نصيحة أخيه الأكبر الذي سبقه في المجيء. فقد سمع منه الكثير عنها وزاد من اشتياقه لزيارة هذا البلد الطيب.

عن الحدث الذي غير مجرى حياته، أشار إلى أنه بعد أن وطئت قدماه أرض الإمارات وبالذات في مدينة دبي، سجل في وزارة الصحة، وتم الموافقة على إجراءات تعيينه بعد نجاحه في امتحان ومقابلة القبول لشغل وظيفة فيها، وكانت الصدمة عندما وجد نفسه مسيرا للعمل في منطقة بعيده عن دبي، ووسط دهشة الجميع عن اختيار منطقة بعيدة كدبا والتي تعتبر غير معروفة لهم آنذاك. بتبرير مدير المنطقة الطبية دكتور صبري( مصري الجنسية) إنه إجراء روتيني في التعيين بأن يعمل أي موظف جديد لمدة 3 شهور في المناطق النائية والبعيدة وبعدها يكون له الخيار في الانتقال إلى مكان آخر.

وأضاف بقوله: ” وافقت للعمل هناك في تحد للمجهول وانتصار لمستقبل أفضل، وبعد 15 يوما من قدومي إلى دبي، انتقلنا برفقة مدير الطب العلاجي بوزارة الصحة آنذاك جمعة بلال ، أنا وطبيب آخر من الجنسية المصرية ترافقه زوجته ورضيعهما إلى دبا بواسطة مركبة من نوع لاند روفر، وكان ذلك في شهر أغسطس والجو حار جدا، وكنا نمشي في طريق واحد مسفلت مرورا على الشارقة وحتى الذيد، حيث كان هذا الشارع يطلق عليه ( طريق الموت)، لتسير المركبة عقب ذلك في طريق رملي وعر في بعض المناطق”.

” وكان الموقف المدهش في خط هذه الرحلة وصولنا إلى طريق الطيبة العيينة الذي يصل العابرين إلى منطقة دبا مباشرة بالمرور، وارتوائنا واغتسالنا بعين ماء عذب عبر صخرة بالجبل في منظر خلاب وسط أجواء حارة، ما ترك لنا انطباعا مدهشا لنواصل المسير إلى المكان المنشود. دخلنا إلى دبا والدهشة بادية في أعيننا إلى وجود منطقة صحراوية فسيحة والجبال تحيط بها من كل صوب، كانت خالية من أي مشاهد حضارية، وكانت المساكن متفرقة عن بعضها، لنصل إلى سكن الإقامة المحاذي لمستشفى دبا القديم، والذي كان صغيرا و يضم حوالي 23 أسرة للرجال والنساء والأطفال، يعمل فيه إجمالي 25 فردا من الهيئة الطبية والتمريضية والفنية من جنسيات هندية وعربية “.

حيرة وخيرة

ويستطرد حديثه: ” ومع كل ذلك يبقى الإنسان مخيرا، فقد اخترت العيش في دبا حتى اليوم رغم موافقة انتقالي للعمل في أي مستشفى آخر، وذلك لأسباب وجدتها حينها تسير نحو استقراري في المنطقة منها زواجي وعشقي للناس والمكان و توافد عدد كبير من المقيمين للمنطقة وبالأخص العرب في مهنة التدريس”.

شاهدت التغيرات التي حصلت في الإمارات عموما والنهضة العمرانية والحضارية الكبيرة والمتسارعة في مختلف الميادين والتي لا تقارن بأي شي آخر، فأبنائي ولدوا وتربوا وتعلموا في هذا الوطن وعشقوا الحياة هنا، فكيف نبتعد عنها ؟ “. والجميل في الأمر لا زال رقم تليفون منزلي هو نفسه ( 336 ) منذ عملت خطوط مؤسسة الاتصالات نهاية السبعينات وكان داخلي بالمنطقة نفسها، غير أنه أضيف له فتح الخط المكون من ( 2244 ).

في دبا القديمة

وتطرق في حديثه إلى حياة المواطنين في تلك الفترة عكسها بصورة دقيقة، وخاصة تلك المتعلقة بالتكافل الاجتماعي والتعامل مع بعضهم من جهة ومع الأجانب الوافدين من جهة ثانية، والتي تبدو أكثر وضوحا في رمضان والأعياد، لذا فشهر رمضان في دبا له وقع وطقوس خاصة بالنسبة له. لافتا إلى أنهم في الأيام العادية كانوا لا يتوانون عن دعوته للغداء أو العشاء أو حتى شرب القهوة في منازلهم، حيث لامس واقع حياتهم عن قرب وأحس بالأنس والراحة للعيش بينهم ولم يجد أي صعوبة في التعايش معهم.

الصديق الوفي

الصديق الوفي والذي كان يعمل إداريا في المستشفى ” عبدالرحمن الأفخم ” لم يجعل الملل يتسرب في قلبه وزملائه عبر دعوتهم بصورة مستمرة للخروج في نزهات خارجية في البر والأودية و البحر وحتى في تسلق الجبال.

Related posts