مجلس سلطان المؤذن يناقش واقع الخدمات البلدية في الفجيرة بحضور مسؤولين ومثقفين ومواطنين

2289204388

موقع الطويين : البيان

أكد المشاركون في المجلس الرمضاني لـد. سلطان أحمد المؤذن عضو المجلس الاتحادي السابق في مدينة دبا الفجيرة مساء الجمعة الماضي، إلى أن عدم خروج الخطة العمرانية الشاملة لإمارة الفجيرة إلى النور حتى الآن عثر مشاريع الخدمات البلدية المقدمة للمواطن في المقام الأول وعطل خطط تطوير المناطق وأربك مشاريع الجهات المختصة، وكذلك أضعف من حجم جذب الاستثمارات والأيدي العاملة الكفاءة. مطالبين بسرعة الانتهاء منها والإعلان عنها تفصيليا باعتبارها عصب المشروعات والنهضة العمرانية بالإمارة، إلى جانب ما ستحدثه من قفزة نوعية في البنية التحتية.

وجاء ذلك بحضور مسؤولين ومثقفين في القطاعات العسكرية والقانونية والصحية والتعليمية، وعدد من أهالي المنطقة.

وخلصوا إلى أهم أسباب تعثر المشروعات البلدية وتدني مستوى جودتها، واستمرار افتقار العديد من المناطق والأحياء إلى أرصفة وشوارع داخلية ونظافة كافية ومساحات مزروعة ومرافق حيوية إذا ما قورن بعمر الاتحاد، تأتي في مقدمتها: عدم التخطيط الفعلي أو وجود دراسة مسبقة للاحتياجات الفعلية والمشاريع المستقبلية وضعف الخبرات في التخطيط وإنشاء المشاريع الخدمية التي يحتاجها المواطن من طرق جديدة وشبكات تصريف للمياه والحدائق ومشاريع أخرى لم تنفذ بشكل صحيح، تفشي البيروقراطية والمركزية وبطء الخدمة، وعدم وجود مواصفات فنية أو قلتها أو ضعفها، وانعدام الرقابة. وأيضا عدم وضوح الأنظمة واللوائح البلدية، وعدم وجود الخطط الإستراتيجية طويلة الأمد لدى متخذ القرار، مع عدم وجود وعي لدى بعض موظفي الدولة بدورهم الوطني بالتماس ما يخدم المجتمع. وعدم المساواة بين المواطنين في تقديم الخدمات، والأهم في ذلك التفاوت والانتقائية في تطبيقها داخل المنطقة الواحدة وخارجها. ناهيك عن عدم وجود التنسيق بين الجهات المحلية والحكومية المقدمة للخدمة وكذلك المختصة بصحة وسلامة البيئة عند تنفيذ المشروعات، والتداخل في مصالحها ومسؤوليتها، ومما زاد هذه الأعباء الكثافة السكانية الهائلة، والنمو المتسارع للمناطق والقرى.

لمحة عامة

بدوره، أفاد د. سلطان المؤذن إلى جريدة ” البيان “: أن المجلس في رمضان هذا العام يبحث الواقع الخدمي البلدي في الإمارة من جوانب تنظيمية وفنية واستثمارية وجودة وتطوير ودورها في تحقيق حياة كريمة ورفاهية مع وضع الحلول والمقترحات المناسبة. وكذلك يناقش أسباب ضعف البنية التحتية وتراجع الخدمات التي لا تواكب التطورات المتلاحقة التي تشهدها الدولة عموما، وعلى الرغم من أن الفجيرة شهدت في الخمس السنوات الأخيرة استقرار نسبيا وخصوصا في ظل التغيرات الاقتصادية والسياسية الراهنة حالها كحال الإمارات الأخرى، دون أن ننكر تحقيقها نموا استثنائيا في استثمار إمكاناتها الطبيعية والسياحية يقدر بنسبة 2%.

توصيات ومقترحات

واقترح الحضور في شكل توصيات إلى ضرورة إنشاء مجالس استشارية، تنفيذية، وبلدية  تهتم بتطوير الخدمات، وكذلك تحديث أنظمة البلديات وتطويرها وإعادة هيكلة مهامها، استحداث دوائر تخصصية كدائرة الأراضي والرخص والاستثمارات منعا لتداخل المهام والاختصاصات، والاستعانة بالجهات الأكاديمية المتخصصة لتقييم واقع الخدمات بالإمارة وكذلك لتوفير بيانات وإحصاءات رقمية ودراسات مسحية للبنى التحتية القائمة ومداها للسنوات القادمة لدعم التنمية ولحفظها لأجيال المستقبل، والاستعانة ببيوت الخبرة ووكالات الاستشارات الأجنبية التي قد تساهم في تطوير الخدمات وأهداف وبرامج الجهات المقدمة للخدمة.

بالإضافة إلى وضع توصيات أخرى تتمثل في تطوير كفاءة الإداريين في تلك الجهات لإدراك الأهداف التنموية كون العمل التنموي ينطلق من البلديات أنفسها التي تقوم عليها برامج التنمية كاملة. تقنين دور البلديات أثناء عملها على جذب الاستثمارات وليس منافسة المستثمرين في نشاطهم ومصدر رزقهم. إعادة هندسة إجراءات الخدمات البلدية المقدمة للجمهور. إضافة إلى تشكيل لجنة لتقييم واقع الخدمات البلدية للمواطنين. فضلا عن آمل أن تفتح الحكومة صدرها بشكل أكبر لمواطنيها للاستماع لهمومهم ومطالبهم بهدف تعزيز التواصل المباشر للوصول إلى الهدف المنشود للارتقاء بالإمارة والمواطن. ناهيك إلى ضرورة تبني البلدية إحداث مكاتب تنسيقية لجميع ممثلي القطاعات المعنية بتقديم الخدمة تكون مهمته التنسيق مع تلك الجهات بشكل دائم لمتابعة تنفيذ مشروعاتها داخل المناطق وتذليل ما يواجهها من عقبات. إضافة إلى إنشاء مرافق خدمية جديدة بجميع المناطق كالحدائق والجامعات والمراكز التعليمية والشوارع الداخلية.

ملامح الأنظمة

وقد حفل المجلس بالعديد من وجهات النظر المختلفة، ففي البداية تحدث عبدالله محمد العنتلي موظف في القطاع الخاص: عن أبرز ملامح نظام البلديات الحالي: إلى أن كل بلدية بالإمارة تتمتع بالاستقلالية والمرجعية الخاصة بها، إلا إن أنظمتها لازالت أقل من المطلوب لتلبية احتياجات المجتمع، وذلك يعود إلى عدم وجود خطة شاملة تدرس وضع الإمارة جغرافيا والمساحات الغير المستغلة من أجل معرفة الخدمات المتاحة والخدمات التي يمكن تقديمها لتحقيق مستوى عالي من الرقي والتطوير. فالمشاريع القادمة مؤخرا كخزانات البترول لا توجد لديها خدمات تخدمها – على حد وصفه – وكذلك بالنسبة إلى المطارات والموانئ.

وأضاف د. سلطان المؤذن إلى أن نظام البلديات يعد قديما بحاجة إلى تحديث بشكل مستمر لوجود تطورات في كثير من شؤون الحياة، مما يتطلب مواكبة هذا التطور على مستوى الأنظمة، سواء أنظمة البناء أو التخطيط العمراني، أو التخطيط الاستراتيجي وتخطيط المدن ونمط الخدمة المقدمة للمواطن، أو حتى عند الرغبة في الحصول على التراخيص التجارية أو تراخيص البناء أو التعاملات الإلكترونية التي تعد أمرا ملحا، رغم وجود بعض الصعوبات والعوائق في العمل البلدي مقارنة في بعض القطاعات الحكومية الأخرى. كما أن النظام الموجود لا توجد فيه قوانين ولوائح واضحة تنظم آلية عمله والمشاريع الاستثمارية، حيث تبقى خدماته تفسر وتنفذ وفق اجتهادات فردية. لافتا إلى أن أغلب المشاريع التي تنفذ بالإمارة الخاصة بالمواطنين تأتي من مبادرات رئيس الدولة ووزارة الأشغال العامة. حيث أشاد في الوقت ذاته بدور دائرة تنمية المناطق، متأملا بأن يكون لها دور فعال في تقديم الخدمات المناسبة وحل إشكاليات قائمة منذ فترة طويلة.

ومن جانبه، أكد المهندس غريب الصريدي عضو المجلس الوطني الاتحادي إلى الحاجة في تحديث الأنظمة البلدية وإعادة توزيع الصلاحيات وتوفير البيانات والدراسات المسحية المستقبلية وتوحيد الإجراءات للتخلص من الواقع البيروقراطي الممل وتأخر تنفيذ المشروعات الخاصة بالمواطنين وللحد من الاجتهادات الفردية. إلى جانب منع التحفظ والعمل على مسايرة التطورات المتلاحقة التي تشهدها دولة الإمارات والإمارة بشكل خاص، خاصة في ظل توفر الميزانية المناسبة للتطوير.

وفي ضوء الإشارة إلى تفشي البيروقراطية والروتين وعدم وضوح الأنظمة واللوائح داخل البلدية، أشار على سبيل المثال في تسببها في تعطيل حتى المبادرات الذاتية من قبل الناس لإنشاء مشاريع نفعية أو خدمات تطوعية لتطوير أحيائهم ومناطقهم من حسابهم الخاص. حيث قوبلت فكرته في إنشاء مركز للمسنين وأيضا حديقة عامة للنساء بالتعثر ما أدى إلى عدم خروجها للنور حتى الآن.

وبين علي عبيد الخديم مدير بنك محلي: أن المواطن لا يزال تائه في معرفة الجهات المسؤولة والمنفذة والمراقبة لسير الأعمال وذلك لعدم الوضوح الجيد. مطالبا توفير كتيبات ودليل عن شروط ومتطلبات كل بلدية لطالبي الخدمة على التراخيص والخدمات والجهات المعنية حفاظا للوقت والجهد.

وتساءل حسن علي النون موظف متخصص في الموارد البشرية حول عمل البلدية والواقع الذي يعيشه أبناءها ومدى احتياجاتها إلى الخدمات البلدية، وكذلك استعرض عن  واقع الخدمات المقدمة لفئة الشباب والفئات الأخرى بالمجتمع وأهم احتياجاتهم. وكذلك إلى المشاريع التطويرية المقترحة كما يراها المجتمع.

في حين تحدث عبيد إبراهيم الكعبي موظف حكومي: عن الوضع القائم الذي يحاصر البلديات والإشكاليات والعقبات التي تحد من تنفيذ مشاريع حيوية ورئيسية تلبي احتياجات المواطن، وأيضا سبل تحقيق التنمية المشتركة من خلال التعاون التكاملي والشراكة الحقيقية بين البلديات والهيئات المحلية والوزارات الاتحادية المعنية بما يضمن تحقيق الهدف في الوصول إلى أفضل أشكال الخدمة للمواطن.
رضا المواطن
حول أسباب عدم رضا المواطن عن الخدمات البلدية المقدمة، علق المؤذن أن المواطن هو أساس ومحور التنمية؛ لأن جميع القطاعات الخدمية والتنموية تستهدف خدمة هذا الإنسان. مؤكدا إلى وجود جهد مبذول ومقبول من قبل البلديات لكنها لا تحقق الكثير من متطلبات المواطن الأساسية قياسا ببلديات الإمارات الأخرى، فهي قد تشمل تباطأ و رداءة في التنفيذ ما تضاعف المعاناة على ذلك المواطن، ما تجعلنا نتساءل ” أين الخلل؟ ” ولما هو موجود”، وما هو الحل إذا؟ “. لذا ما نشاهده على أرض الواقع أن الخدمات البلدية المقدمة لم تصل إلى حد الرضا لدى شريحة كبيرة من المواطنين، وذلك لاستمرار تعارض المصالح بين الأنظمة البلدية ومطالب بعضهم.

وعن مستوى الخدمات البلدية المقدمة للمواطن، قال مشعل الخديم رئيس قسم العمليات التربوية بمنطقة الفجيرة التعليمية: تعتبر بطيئة إذا ما قورنت في مسايرة النمو السكاني ونمو المدينة، حيث إن هذا النمو قد سبق الخدمات البلدية المحدودة، مشيراً إلى أن معدل النمو السكاني يتزايد سنويا وكذلك المناطق تتسع بدون حدود لهذا الاتساع. كما أكد أنها أقل من طموح المواطن، وأقل أيضاً من طموح النمو العمراني والاستثماري في الإمارة وخاصة في ظل توفر اعتمادات مالية مناسبة للتطوير، وذلك يرجع بسبب عدم وجود خطة عمرانية شاملة وواضحة ومتاحة للجميع.

وتعليقا على عدم الرضا، أشار عبدالله العنتلي إلى وجود نفس المهندسين والفنيين يعملون على نفس الأنظمة القديمة في التخطيط والتنفيذ، فضلا عن تعطيل بعض الكوادر المؤهلة المواطنة داخل البلديات وحصولها على مرتبات وظيفية ورواتب غير مجزيه. إضافة إلى أن عدد من المسؤولين والموظفين في الكثير من القطاعات البلدية ليسوا بمستوى المهام الوظيفية. كما أن قطاع البلديات لا يتوفر لدية حالياً من الوسائل التقنية والبشرية ما يضمن الوفاء بمتطلبات تحقيق البيئة السليمة والآمنة للمجتمع.

وفي إطار آخر، أوضح الطالب أحمد غريب الصريدي في الصف العاشر إلى أن المنطقة التي يقطنها لا زالت دون إنارة، مشيرا إلى أهمية توفير المرافق العامة الخاصة بفئات الأطفال ومن هم بنفس عمره والشباب والنساء والمسنين أيضا وكذلك المقيمين من الجاليات الأخرى.

ولتحقيق رضا جيد لتلك الخدمات اقترح المواطن غريب العنتلي إنشاء دليل يحدد الجهة المختصة بمباشرة مخالفات الأنشطة التجارية والمشاريع الخدمية حتى لا تكون مسؤولية المخالفات ككرة النار تتقاذفها الجهات الحكومية تجنباً للمسؤولية. إلى جانب ضرورة إجراء استطلاعات رأي وقياس للخدمات المطلوبة والمتعثرة للمواطنين.

الجانب الاستثماري

وأوضح المهندس غريب إلى أن قدوم الاستثمارات إلى الإمارة غدت مشكلة عوضا من كونها مطلب وهدف جيد، فقد أخذت تستنزف وتغلب من قبل نشاط البلديات على حساب مستوى الخدمات البلدية والعامة المقدمة للمواطن وبرامج التنمية الأخرى وتحرم الكثير من الجهات الحكومية الخدمية من الاستفادة من بعض المواقع والأراضي، فأصبح وجودها نقمة وليس نعمة. مشيرا أن لهذا التوجه أثر سلبيا على جميع الخدمات التنموية وتوفير مرافق الخدمات العامة مثل الحدائق والمتنزهات بسبب عدم الموازنة بين المصلحة العامة وتنمية موارد البلدية، وكذلك بين المواطن وأصحاب الأعمال والاستثمارات من جهة أخرى. لافتا من جهة أخرى إلى تأثير البلديات بشكل واضح على نظام الاستثمار التجاري سواء من محلات تجارية أو فنادق أو شقق مفروشة ما شكل منافسه بينها وبين أصحاب الأعمال وجذب الاستثمارات. مؤكدا أن الاستثمارات القائمة لم تقدم في جزء من عوائدها فائدة في توفير خدمات جديدة للإمارة ومواطنيها.

تخصيص الخدمات

وأشار المؤذن ردا على سؤال تخصيص بعض الأنشطة والخدمات البلدية من خلال إعطاء المبادرة في إدارة الأعمال والخدمات للقطاع الخاص: إلى أنها ستشكل عبئا إضافيا دون فائدة قصوى، بإشارته إلى مشروع الصرف الصحي الذي لا يزال متعثرا – وفق تعبيره.

Related posts