وادي الفاي: رونق ساحر في أحضان الجبال في إمارة الفجيرة

264206

موقع الطويين : الخليج

تتمتع إمارة الفجيرة بعدد كبير من المواقع ذات الطبيعة الخلابة ومنها منطقة وادي الفاي التابعة لمدينة دبا الفجيرة إحدى المناطق الجميلة التي تقع على بعد 75 كيلو متراً شمال غرب مدينة الفجيرة في أحضان أعلى الجبال الممتدة بين مدينة دبا الفجيرة ومنطقة الطويين .

تمتاز قرية “وادي الفاي” باعتدال مناخها وكثرة مزارعها ووفرة مياهها وخصوبة تربتها، كل هذه العوامل أهلت “وادي الفاي” لتكون مكاناً للاستيطان البشري منذ القدم ويدل على هذا التاريخ بقايا البيوت القديمة التي تقع تحت السفوح الجبلية المنتشرة في مناطقها والمزارع القديمة إضافة الى آبار المياه القديمة والكهوف الجبلية التي استخدمها الأهالي منذ القدم .

تشتهر هذه القرية المتعددة القبائل بوجود “وادي الفاي” الذي يعود السبب في تسميته اسم المنطقة ويصل عمقه إلى حوالي 30 متراً حيث تتوافر فيه المياه على مدار ايام السنة، ما جعله مخزوناً قوياً للزراعة حيث عرفت المنطقة منذ القدم بأرض الزراعة والمياه . وبذلك اشتهرت القرية بوجود أعداد كبيرة من المزارع الخضراء المنتشرة في المنطقة والمزروعة بأشجار النخيل والمانجا وأشجار الموز وبعض الخضراوت والمحاصيل الزراعية الصيفية . كما اشتهرت بكرم وطيبة سكانها منذ زمن بعيد وذلك لقوة العادات والتقاليد العربية الأصيلة القائمة بين جميع سكانها في الماضي والحاضر .

الحاج محمد بن سالم اليماحي يقول: عايشنا ظروفاً صعبة وقاسية في الماضي قبل قيام دولة الاتحاد، حيث كنا نعتمد بشكل أساسي على الزراعة بأعمالها وأنواعها كافة، فكنا نزرع أشجار النخيل وحبوب البر والذرة في الوعوب الجبلية بالمنطقة والمناطق المجاروة، كما كنا نعتمد على جمع الحطب من سفوح الجبال ونقوم بتربية الماشية والأبقار ونقوم بتجميع المحاصيل الزراعية والتمور والحطب وبعض منتجات الماشية والأبقار من السمن العربي والصوف والجبن ويتم بيعها أو مقايضتها مع التجار في أسواق رأس الخيمة والفجيرة والشارقة، وكانت تتم مقايضتها مقابل بعض احتياجات الأهالي من البن والعيش والسكر والشاي وغيرها من الاحتياجات الأساسية للأسرة .

ويشير إلى أن المنطقة تتميز منذ القدم بوجود “وادي الفاي” الكبير الذي يشكل حال امتلائه سنوياً نهراً عميقاً نسبياً، ويكون غنياً بالماء على مدار أيام السنة، حيث لعبت الأمطار السنوية الدور الأكبر في خضرة قرية “وادي الفاي” وخصوبة أرضها ويرجع ذلك لوقوعها على سفوح الجبال الشاهقة وبذلك تعد كمية الأمطار التي تهطل على المنطقة سنوياً مخزوناً قويا للزراعة ما ساهم في انتشار جميع المحاصيل الزراعية .

وحول طبيعة السكن في الماضي يقول الوالد راشد أحمد ضاوي: البيت في الماضي كان نوعين الأول يسمى العريش وهو مصنوع من سعف النخيل وكان هذا البيت يحتضن جميع أفراد العائلة . والنوع الثاني بيوت الطين وهي مبنية من الطين والحجارة إضافة إلى جريد النخيل ونباتات “العسبق” وكانت السنة تنقسم الى فصلين الأول يسمى “المصيف” والثاني يسمى “المشتى”، أما المقيض فيكون بالانتقال الى المناطق العالية أعلى الجبال وذلك لبرودة الجو في تلك المناطق وكان الأهالي يتجمعون الرجال مع بعضهم بعضاً والنساء مع بعضهن بعضاً لتبادل الأحاديث اليومية وكانت الضيافة بسيطة عبارة عن قهوة عربية ورطب، أما “المشتى” أي فصل الشتاء فيكون في الكهوف الجبلية القديمة وبيوت الطين بحيث تكون وسيلة التدفئة هي النار وكانت هذه البيوت تقع أسفل سفوح الجبال .

ويشير إلى أن هناك العديد من بقايا البيوت القديمة والكهوف الجبلية في القرية تعود الى مئات السنين التي عاش فيها الأجداد والعديد من الآبار القديمة التي استخدمها الأجداد .

ويؤكد أن الحياة في الماضي بسيطة وسهلة قائمة على التعاون والمحبة والبساطة بالرغم من وجود بعض الظروف القاسية التي كانت تواجه أهالي وادي الفاي إلا أنها حياة جميلة وأفضل من حياة اليوم في ما يخص العادات والتقاليد حيث كانت تتميز في ذلك الزمان بالعديد من المميزات أهمها قوة العلاقات والروابط الاجتماعية القائمة على مبدأ التراحم والمحبة والمساعدة بين جميع الأهالي فالجميع كانوا يعيشون حياة بسيطة قائمة على البساطة وعلى القيم والعادات العربية الأصيلة والجميع كان يدرك أهمية العمل والسعي طلباً للقمة العيش الكريم وذلك من خلال القيام بجميع الأعمال المتاحة والمتوافرة في ذلك الزمان سواء أعمال الزراعة أو جمع الحطب أو تربية الأبقار ورعي الأغنام وظل هذا حال جميع أهالي وادي الفاي والمناطق المجاورة لغاية إعلان دولة الاتحاد ومنذ تلك الفترة تغيرت الحياة في أرض “وادي الفاي” وتغيرت أوضاعنا المعيشية من الحياة الصعبة الى حياة السعادة والسعة، حيث انتقل جميع أهالي “وادي الفاي” من العيش في بيوت الطين والحجارة الى بيوت شعبية حديثة مجهزة بالخدمات كافة، ويعيش حياة سعيدة ملأى بالأمان بفضل القيادة الرشيدة .

حسن علي أحمد اليماحي يقول: كل أهالي منطقة “وادي الفاي” كانوا يعملون في أعمال بسيطة مثل الزراعة وجمع الحطب من الجبال العالية إضافة الى تربية المواشي وبعض أنواع الطيور، والجميع في معيشة صعبة وقاسية حتى قيام الاتحاد حيث تغيرت الظروف من جميع النواحي .

ويشير اليماحي الى دور المرأة في الماضي فيقول: كان للمرأة في “وادي الفاي” في ذلك الزمان الدور الكبير والكثير من الأعمال حيث تقوم بجميع أعمال الزراعة وتربية الحيوانات ورعيها وجلب الماء من الوادي والآبار البعيدة عن البيوت وجلب الحطب، إضافة إلى أنها كانت تهتم بأسرتها على أكمل وجه حيث تعلمهم وتربيهم على الأخلاق الحميدة والعادات والتقاليد الطيبة كما كانت تعلم الأبناء كيفية استقبال الضيف واحترام كبار السن وغيرها من الأمور الحياتية .

ويضيف أن بعض نساء “وادي الفاي” كن يمارسن عدداً من المهن مثل التدواي بالأعشاب وخاصة أمراض الأطفال والنساء الى جانب العلاج بالوسم الذي يشفي الكثير من الآلام كالصداع وآلام الظهر وبعض الأمراض الخبيثة التي كانت منتشرة بين الأهالي، وما تزال بعض نساء المنطقة والمناطق المجاروة يفهمن في هذه الأعمال التي ورثنها عن أمهاتهن، كما كان بعض النساء في الماضي يقمن بتجميع أوراق أشجار السدر لتجفيفها ويصنعهن منها مسحوقاً لغسيل شعر الرأس وتقويته وإزالة القشرة منه حيث إن الشعر المغسول بهذه الأوراق يصبح ناعماً ولامعاً جداً .

وعن التعليم في الماضي يقول راشد الخضري: كان التعليم في الماضي يتم على يد المطوع حيث لم يكن هناك أي نوع من المدارس وكان يقوم المطوع بتجميع أبناء القرية في بيت العريش أو تحت شجرة السدر الكبيرة التي كانت وسط البيوت القديمة ويعلمهم القرآن الكريم قراءة وكتابة إضافة إلى الأحاديث النبوية والأمور الفقهية، وكان المطوع يتقاضى مقابل تعليم الأبناء أشياء بسيطة مثل التمر أو القمح أو غيرها من منتجات الحيوانات أو مقابل روبيات قليلة جداً .

وعن تسمية “وادي الفاي” بهذا الاسم يقول الخضري: جاء اسم “وادي الفاي” لوجود شجرة نمت بقدرة إلهية تنبت وروداً زاهية الألوان تدعى شجرة “الفاي” ولانتشار وجودها في الوادي بكثرة سميت المنطقة بهذا الاسم .

ويشير أحمد بن علي اليماحي إلى أن المنطقة تشتهر بوجود عدد من بقايا البيوت القديمة المبنية من الحجارة الصخرية والطين وبوجود مخازن حبوب البر (القمح) القديمة الى جانب عدد من الكهوف الجبلية القديمة وآبار المياه القديمة التي استخدمها أهالي القرية في الماضي كما أن الأهالي في الماضي كانوا يستخدمون رؤوس الجبال للحراسة وللدفاع عن المنطقة من الأعداء ولمراقبة مزارعها . حيث تشتهر منطقة “وادي الفاي” بوجود عدد كبير من المزارع القديمة التي يعود عمرها الى مئات السنين، مزروعة بأشجار النخيل والسدر والمانجو وبعض الخضروات والفواكه، كما عرفت المنطقة في القدم باسم “وادي الفاي” العميق الذي يشكل حال امتلائه نهراً عميقاً نسبياً وتتوافر المياه به ولعبت الأمطار السنوية الدور الأكبر في ذلك، وبالتالي في خضرة المنطقة وخصوبه أرضها .

عبدالله اليماحي يؤكد أن ما يميز قرية “وادي الفاي” عن غيرها من القرى أرضها البكر التي لم تطأها قدم أنسان حيث إنها طبيعة كما خلقها الله كما انها منطقة ساحرة وهادئة وقد يكون العامل المهم الذي اضفى على منطقة وادي الفاي رونقها الخاص ووجودها بين الجبال الشاهقة الارتفاع حيث يحدها من الجنوب “جبل المبيضين” ومن الشمال “جبل الحمر” وهما من أعلى الجبال التي تطل على المنطقة ووجودها في حضن الوادي جعل منها منطقة ذات رونق خاص وذلك لوجود المياه العذبة على مدار أيام السنة ما ساهم في انتشار المزارع الخضراء في المنطقة .

Related posts