متعة البحث عن العسل في الكهوف… اليماحي: الشغالات يكشفن أمكنة المناحل

3655265004
عبدالله محمد التكلاني اليماحي

موقع الطويين : البيان – ابتسام الشاعر

البحث عن العسل من المهن والهوايات القديمة التي جذبت سكان الإمارات بمتعة كبيرة، خاصة أهل المناطق الجبلية، إذ يوجد العسل بكثرة في الكهوف وعلى رؤوس الجبال، وبين حنايا الصخور وروعة السفوح، وفي أعماق الوديان كذلك.

العسال المواطن محمد المخمسي من منطقة الطويين بالفجيرة، اعتاد البحث عن العسل وجنيه منذ الصغر، مؤكداً أن أنواعه وأشكاله تتعدد حسب المواسم والأشجار التي يتغذى النحل على رحيق أزهارها، وهي أربعة مواسم سنوية، تفرز ثلاثة أنواع أساسية هي: عسل السمر والسدر والعشب.

ويوضح أن العسل يتوافر بكميات كبيرة في موسم الصيف (مايو ويونيو)، والعسل المستخلص في هذين الشهرين هو السمر «البرم»، وفي الشتاء (سبتمبر ونوفمبر)، يكثر عسل السدر «اليبياب»، وفي الربيع (يناير وفبراير ومارس)، يستخلص العسل من رحيق العشب.

قراءة رموز النحل

ويضيف المخمسي أن معرفة مكان العسل تكون من خلال تتبع شغالات النحل، فلو وجدت النحلة في مرعاها أو عند المياه ثم ارتفعت فوق 30 متراً، يكون العسل قريباً من المكان. أما إذا انتقلت وهي منخفضة من الأرض فمكان العسل بعيد. وأيضاً إذا وقفت النحلة لتأخذ قسطاً من الراحة معنى ذلك أن مكان العسل أبعد، وفي أغلب الأحيان يتم تتبع النحلة لمعرفة مكان وجود العسل، إذ تطير شغالات النحل في مسار مستقيم من موقع الخلية وترسم بإفرازاتها علامات ورموز لا يقرأها إلا متتبعو العسل.

وتُصنف هذه العلامات إلى أربعة أشكال: دائرية وطولية وعلامة استفهام وعلامة تعجب. أما العلامات الدائرية التي ترسمها النحلات على الصخور في مسارها، فتدل على قرب الخلية، وفي الغالب تكون في موقع صخري. أما الطولية فتدل على بعد المسافة ووجود الخلية غالباً على إحدى الشجر المعروفة بالعسل. وعلامة التعجب تدل على أن الخلية في مكان مستقيم، في حين تؤكد علامة الاستفهام على وجود الخلية في منطقة قريبة من المسار المستقيم الذي تطير فيه النحلة.

السمر أو «البرم»

ويعتبر عسل السمر أو ما يسمى محلياً «البرم» من أغلى أنواع العسل، وهو مستخلص من براعم شجر السمر، ويكون موسم هذا العسل من بداية فصل الصيف إلى وقت دخول الربيع، ويتميز هذا النوع كما يوضح المخمسي باحمرار لونه المائل إلى السواد وبرائحته القوية، ويوصي به الأطباء للعلاج، ويُفيد الصغار كذلك لقوة المناعة فيه، كما أنه من الأنواع التي يمكن تخزينها لفترات طويلة، وكلما زادت مدة التخزين كانت الرائحة قوية والطعم أقوى، لكن اللون يتغير إلى السواد، وهذا النوع من العسل يمكن تخزينه لفترة ثلاث سنوات في مكان نظيف وجاف بعيداً عن الهواء.

السدر «اليبياب»

أما عسل السدر فهو من أفضل الأنواع تذوقاً، وهو ذو حلاوة قوية، ويستخلص هذا العسل من زهور شجرة السدر قبل ظهور ثمرة «النبق»، ويكون لونه أبيض مائلاً إلى الصفرة، أو مائلاً إلى البني الفاتح، ولا يكون شفافاً أبداً، والتحكم في اللون يكون عن طريق تصفية العسل من الشمع، وهنا يدخل عامل الخبرة في الفرز والتصفية، وغالباً يكون لون العسل المائل إلى الصفرة أغلى من اللون المائل إلى البني، فالخبرة والمكان الذي تم قطف العسل منه يلعبان دوراً في سعر العسل.

هذا النوع من العسل لا ينصح بتخزينه مع الشمع ولفترات طويلة تتعدى ستة أشهر، بسبب اختلاف الجو بين حار وبارد، لكن يمكن تخزينه في الثلاجة، والعسل الصافي يمكن تخزينه إلى فترات تفوق السنتين تقريباً، وهذا العسل يستخدم في الأكل أكثر من استخدامه في العلاج، وهو ما يميزه عن عسل السمر، بأنه أكثر حلاوة ولا يسبب حرقة.

عسل العشب

ويبقى عسل العشب من العسل النادر في المنطقة، والذي يكون في موسم الشتاء، في المطر والبرودة القاسية، والنحل لا يجمع كميات كبيرة منه، وإن جمع سيلجأ إلى أكلها أثناء الأمطار أو عند تشكل الغيوم، لذا فهو قليل الكمية، ومعظم من يقطفونه لا يبيعونه، وهو يتميز بعدم وجود لون معين له، إذ يختلف لونه وطعمه حسب الأعشاب النابتة في المنطقة، وغالباً ما يكون أصفر مائلاً إلى البياض، أو إلى البني، لكن طعمه حلو المذاق، ولا يتسبب بحرقة في البلعوم، ويكون رفيع اللزوجة، وسعره ليس مرتفعاً كما السدر والسمر.

قطف عسل «الصخبر»

ويبين العسال محمد المخمسي أن عسل «الصخبر»، وهو من أنواع عسل العشب، ينتج عن إفرازات عيدان شجرة «الصخبر» التي تفسد العسل إذا امتزجت به، فيصبح ساماً ويسبب الإسهال. وهناك طريقتان لاستخلاص خلايا العسل من شجرة «الصخبر» إما عن طريق تفريق عيدانها بشجرة أخرى وهي «العسبق» وتثبيتها بطريقة تكشف عن الخلية ليسهل قطعها وتعرف هذه الطريقة بـ«التبريح»، أو عن طريق قطع سيقان «الصخبر» للوصول إلى موقع الخلية. وتعيش شجرة «الصخبر» في موقع معاكس لأشعة الشمس، ويتكون العسل فيها خلال الشتاء، إذ يفضل النحل ظلال الشجر. أما في الصيف فالنحل يبحث عن الكهوف والمواقع الأكثر ظلاً من الشجر.

صناعة

يصنع العسل من رحيق الأزهار، وهو علاج للعديد من الأمراض، وللعسل الطبيعي فوائد صحية وغذائية متنوعة، وهو لا يتلف ولا يتطلب حفظه في الثلاجة، ويحتاج فقط إلى وعاء محكم الغلق، ويخزّن في حرارة الغرفة الاعتيادية.

وكما هو معروف، فإن النحلات العاملات في الخلية، هي المسؤولة عن تجميع رحيق الأزهار من البساتين والغابات والأشجار في الجبال والوديان؛ تحمله في كيس ومن ثم يتم تخزينه في عيون الشمع السداسية في الخلايا، ويُختم عليه بأغطية شمعية، ليكون منجماً من العسل الصافي الذي يجذب العسالين.

Related posts