شهداء الإمارات.. قافلة تضحية فداء للوطن ودفاعاً عن الحق

3786837744

سطرت دولة الإمارات بدماء شهدائها الأبرار، صفحات تضحية وفداء في سبيل رفعة الوطن وكرامة الامة والدفاع عن الحق والشرعية، على امتداد مسيرتها الوطنية، وقدم أبناء الإمارات البررة أغلى هدايا الوفاء لأرضهم والولاء لقادتهم بأرواحهم ودمائهم، بعزيمة لا تقهر، وإرادة لا يزعزعها أي مكر أو إرهاب وعدوان.

ولا يزال الشعب الإماراتي يسطر للتاريخ أجمل صور التلاحم بين أفراده وبين الشعب وقيادته، وتاريخ الوفاء والشهادة في مسيرة الإمارات بدأ منذ مطلع السبعينات، حين سطر الشهيد سالم سهيل بن خميس اسمه في طليعة الشهداء المدافعين عن أرض الوطن، فبات تاريخ استشهاده «يوماً للشهيد»، بأوامر من صاحب السمو الشيخ خليفة بن زايد آل نهيان رئيس الدولة، حفظه الله، ليقف الجميع على ذكرى المدافعين عن الحق والأرض والأمان، ولنتذكرهم ونتعلم من وفائهم وولائهم.

عسكري أول

كان الشهيد سالم سهيل بن خميس برتبة عسكري أول رقم 190 في شرطة رأس الخيمة، وهو الابن الرابع لسهيل بن خميس، ووالدته فاطمة بنت هلال، وهم من أهالي المنطقة الشمالية الشرقية من الدولة، وتحديدا من منطقة زراعية نائية وسط قرى المنيعي الجبلية.

عاش في منزل والده سهيل بن خميس البسيط المكون من عريش وثلاث خيم ومظلة، تحتها المطبخ ومكان لتناول الطعام، وزريبة أغنام في زاوية المنزل. وعندما وُلد سالم فرحت عائلته البسيطة كثيراً بقدومه، وعندما بلغ السادسة من عمره أخذه والده إلى «المطوع» كي يتعلم على يديه القراءة والكتابة وحفظ الآيات القرآنية والأحاديث الشريفة، ثم انتقل إلى مدرسة «الحويلات» الابتدائية في رأس الخيمة، واكتفى بهذا القدر من التعليم ولم يكمل دراسته، لأنه لطالما حلم منذ طفولته بأن يكون رجل شرطة، كي يوقف عمليات السرقة وقطاع الطرق التي كان تعاني منها بعض المناطق في البلاد، وقد تحقق له الحلم لاحقاً.

كان سالم سهيل يبلغ 16 عاماً عندما التحق بمديرية شرطة رأس الخيمة، وتحقق له حلمه بأن يحمل سلاحاً ليدافع به عن وطنه من اللصوص وقطاع الطرق، مع العلم أنه سبق أن عمل في فرقة موسيقى شرطة الشارقة. ورغم مهارته في العزف الموسيقي، إلا أنه وجد نفسه أكثر كفاءة في حمل السلاح للذود عن الوطن، فترك الموسيقى واتجه نحو حمل السلاح بدلاً من الآلة الموسيقية، ولم يكتف بانخراطه في سلك الشرطة، بل كان يتطلع للانضمام إلى الجنود الأغرار، وتقدم بالفعل بأوراقه ليضم اسمه في كشف الجنود الأغرار، فكان له ذلك وتم إعطاؤه الرقم العسكري 190.

جاذبية وانضباط

تميز سالم سهيل عن بقية زملائه بأنه كان الأكثر انضباطاً وجاذبية في العمل العسكري، ملتزماً بكافة الأوامر العسكرية التي كان يتلقاها من رؤسائه، وذلك أثناء عمله في حصن الشرطة في مدينة رأس الخيمة، وفي 30 نوفمبر 1971 استيقظ سكان جزيرة طنب الكبرى الذين لم يتجاوز عددهم 120 فرداً، فجر ذلك اليوم على أصوات أزيز الطائرات العسكرية المرعبة وأصوات السفن والزوارق البرمائية الحربية الإيرانية المدججة بأحدث الأسلحة، تستعد لمواجهة ستة عسكريين إماراتيين فقط منهم سالم بن خميس.

وبعد لحظات رست السفن الإيرانية، بينما كانت طائراتهم تحوم حول الجزيرة لإخافة سكانها البسطاء، وحينها أدرك العسكريون الإماراتيون أنهم يتعرضون لغزو إيراني، وأبلغوا شرطة رأس الخيمة عبر جهاز اللاسلكي، وقبل بدء المعركة ألقى الغزاة منشورات على أهالي الجزيرة تأمرهم بالاستسلام فوراً وعدم المقاومة، وتبلغهم أنهم منذ اليوم أصبحوا من رعايا الدولة الإيرانية.

وبمجرد اقتراب الغزاة من مركز شرطة الجزيرة، بادر العسكريون الستة بإطلاق النار على الغزاة الذين ردوا بوابل من الرصاص كان يخترق مبنى المركز، ثم أمر سالم سهيل زملاءه بالتجمع حول سارية علم رأس الخيمة، للدفاع والذود عنه والحرص على عدم إنزاله من السارية، واستمروا في إطلاق النار على كل من يحاول من الغزاة اختراق مركز الشرطة.

وبعد أن هدأت المعركة قليلاً، طلب الغزاة التفاوض على استسلام الجنود الإماراتيين، لكن سالم سهيل ردّ عليهم بأن علم بلاده لن ينزل عن ساريته، فكان الردّ الإيراني بوابل كثيف من الرصاص على مبنى الشرطة، والجنود الإماراتيون يردّون عليهم، وكل واحد من الستة اختار جانباً من جوانب المبنى لإطلاق النار، واستمر الحال هكذا لمدة ثماني ساعات، فاستعان حينها الغزاة بجنود «كوماندوز» ومظليين لاقتحام المبنى، ققُتل أربعة من المهاجمين على يد الجنود الإماراتيين، وكذلك قائد إيراني برتبة جنرال، فرّد الإيرانيون بإطلاق قذائف زوارقهم الحربية، وأصيب الجنود الإماراتيون بالإنهاك، وجرح اثنان منهم، وعندما أدرك سالم سهيل أنهم خسروا المعركة، وقف عند سارية العلم رافضاً إنزاله، فأطلقت عليه النيران التي نهشت جسده، واستسلم الخمسة الباقون.

سيف غباش

وبعد ست سنوات، وتحديدا في 25 أكتوبر 1977، استشهد سيف غباش الذي كان يشغل منصب أول وزير دولة للشؤون الخارجية في دولة الإمارات، برصاص غادر في مطار أبوظبي.

شهداء الحزم

وفي مارس من العام الماضي، بعد بدء عاصفة الحزم، واصل أبناء الإمارات البواسل مسيرة الشهادة بحزم وعزم على طريق النصر، حيث استشهد السابقون ثم تلتهم قافلة الشهداء الخمسة والأربعين في الرابع من سبتمبر الجاري. (موقع الطويين : البيان)

Related posts