هروب الخدم إلى أين (3)

نواصل الحديث لليوم الثالث على التوالي، عن ظاهرة هروب الخدم، التي ليست جديدة، لكنها تفاقمت إلى حد لم يعد السكوت عليها ممكنا، ولا بد أن تدخل ضمن الملفات الاجتماعية التي يجب أن تلقى اهتماماً بالغاً من السلطات، وأن تكون ضمن أولويات المجلس الاتحادي للتركيبة السكانية، الذي تتمثل أدواره واختصاصاته في دراسة وتقييم أوضاع التركيبة السكانية في الدولة، واقتراح الاستراتيجيات والسياسات والنظم السكانية، لتعزيز دور المواطن والمحافظة على الهوية الوطنية وتحقيق التوازن السكاني المنشود، واعتماد السياسات والقرارات والبرامج الخاصة بالتركيبة السكانية، وتوقيع الاتفاقيات وعقد الشراكات وتشكيل اللجان بالتعاون مع الحكومات المحلية، واعتماد الهيكل التنظيمي للمجلس وكافة النظم المتعلقة بسير عمله.

فالمشكلة في ظاهرها ربما كانت هروب الخدم وهدر الأموال، لكنها ذات آثار سلبية كثيرة على التركيبة السكانية وأمن المجتمع الذي لا بد أن يكون في مقدمة الاهتمامات. لذا لا بد من الوقوف بحزم في وجه هذه الظاهرة، حتى لا تصبح أشد وطأة وتخرج عن السيطرة، فكل نيران كبيرة تلتهم الأخضر واليابس تنطلق من شرارة، فما بالنا وشرارة هروب الخدم توسعت كثيرا وتنذر بما هو أخطر من ذلك!

نقف ملياً عند ما يحدث في الخفاء، وما يدور في شقق مغلقة تحوي آلاف الهاربين والهاربات، وعلاقات تسفر عن “أطفال كراتين” هنا وهناك، ويكبرون بيننا ويصبحون من أبناء الوطن بملامح مغايرة، لا يعلم إلا الله إلام تسير بهم الأمور، وأي مستقبل ينتظرهم، بلا ذنب اقترفوه.. هذا بخلاف أطفال مجهولين ينسبون إلى أسر مواطنة، في غياب عين القانون عن فعلة مجرمة. نقول إنه آن الأوان للتغيير، وحان الوقت لتعديلات تجرى على قانون الخدم، ليس في صورة شروط تملى على الدولة من هنا وهناك، أو مطالب من هذه الدولة أو تلك بمزيد من الحقوق لرعاياها.

 ورغم معرفتنا بالحاجة الكبيرة لاقتصاد تلك الدول إلى الدعم الذي يتوقف على ما تدره العمالة من الدول التي تعمل فيها، وبلادنا واحدة منها، إلا أن الشروط تملى علينا وكأننا الوحيدون المستنفعون من العمالة، وإذا تلقينا شروطا ونفذناها أملا في الوصول إلى رضاهم، فقد أصبح غاية لا تدرك، ولا تفضي تلبية الشروط إلا إلى المزيد منها. حالة تجعلنا نتساءل؛ أين حقوقنا؟ وما هي الخطوات الإيجابية التي أقدمت عليها هذه الدول للحد من هروب الخدم؟ وما هي الضمانات التي تقدمها لحفظ حقوق تضيع، حينما تقرر الخادمة الهروب مخلفة وراءها أطفالا رضعا بلا رعاية، ومنزلا تشرع أبوابه لغرباء في غياب أفراد الأسرة، يسهلون لها الهرب؟ وما خفي من حكايات وروايات أشد إيلاما وأكثر غرابة..

المثير ونحن نتحدث عن هذه الظاهرة، أن يخرج علينا من يطالب برفع رسوم التأمين على طلبات الخدم لغير المواطنين حتى يتوقف هؤلاء عن تشغيل الهاربات من بيوت المواطنين، لينفرط عقد الخلل في التركيبة السكانية وتصبح مأساتنا مآسي.

ننهي الحديث بتأكيد أهمية تضافر الجهود والتصدي لأي هارب، وهي مسؤولية المواطن والمقيم.فضيلة المعيني البيان

Related posts