الإمارات تحتفل بمرور 250 عاما على بناء قصر الحصن وهو من أبرز معالم أبوظبي التاريخية

al-hosn-palace

موقع الطويين : الاتحاد

تحتفل الإمارات اليوم ولعدة أيام بذكرى مرور 250 عاما تقريبا على بناء قصر الحصن الذي يتوسط العاصمة أبوظبي ويعتبر من أبرز معالمها التاريخية التي تحكي قصة ابن الامارات مع الأرض والتاريخ والأصالة والعراقة.

ويرتبط القصر ارتباطا وثيقا بإمارة أبوظبي بدءا من اكتشاف الماء العذب فيها وتشييده في قلب العاصمة.

وبعد أن كان في الماضي برجا أقيم لحماية بئر المياه العذبة التي اكتشفت عام 1761، أصبح مع مرور الوقت مكانا أثيرا يضم في جنباته عائلة الحاكم وحصنا منيعا في المدينة الصغيرة التي بدأت تتوسع بسرعة مذهلة لتصبح من أجمل وأروع المدن التي تجمع معادلة الأصالة والمعاصرة.

وقد عاصر القصر أكثر مراحل تاريخ الإمارات ازدحاما بالأحداث والمنعطفات التي طرأت على حركة سير التاريخ في الإمارات ومنطقة الخليج وهو يشهد على إنجازات خالدة لحكام آل بوفلاح وبذلك خلد مسيرتهم الرائدة التي أرست دعائم السياسة الخارجية للدولة وتحولت بالمجتمع إلى واقع مفعم بالرفاهية والرخاء والاستقرار.

 ولا يزال قصر الحصن شامخا يربط الماضي بالحاضر حيث يسرد قصص شيوخ آل بوفلاح حكام أبوظبي على مدار ما يقارب قرنين من الزمان.

وقد كان لكل واحد من أولئك الشيوخ مساهماته في تحديد ملامح تاريخ المنطقة وما جاورها وذلك بداية من الشيخ شخبوط بن ذياب بن عيسى.

ويحظى القصر بمكانة كبيرة انطلاقا من كونه نقطة البداية لنمو وتقدم إمارة أبوظبي ولأنه بقي على مدى قرنين الملاذ والمنزل ومقر الحكم والإدارة لآل نهيان حكام أبوظبي.

كما شهد الكثير من الأحداث وعاصر العديد من التطورات والإنجازات في وقت واحد ولا يزال صرحا شامخا يروي سلاسل من الأحداث التاريخية والسياسية.

وبمناسبة انطلاق مهرجان قصر الحصن مساء اليوم، فقد اغتنم المركز الوطني للوثائق والبحوث بوزارة شؤون الرئاسة هذه الفرصة ليعبر عن مكانة هذا القصر بين مقتنياته ويكشف دوره التوثيقي في رصد ماضيه المجيد متذكرا في الوقت نفسه سنوات تأسيسه الأولى حيث بدأ في عام 1968 في إحدى قاعاته.

ويبدأ سعادة الدكتور عبد الله الريس مدير عام المركز حديثه مؤكدا أن قصر الحصن جزء هام من تراث الإمارات فهو رمز لأمجاد الآباء والأجداد ويشير إلى أن الوعي بالتراث يدعو إلى التطلع نحو غد مشرق.

ويضيف أن المغفور له الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان “طيب الله ثراه” جعل التراث جزءا من برنامجه السياسي .. مشيرا الى أن المهرجان الذي سيقام مساء اليوم ولعدة أيام إنما هو احتفاء بالحصن وشكل من أشكال الاهتمام بهذا المعلم التاريخي النفيس.

ويتابع أن قصر الحصن سيظل بطرازه الفريد وعمرانه التقليدي بين الأبنية العصرية الحديثة والشامخة حوله لوحة فريدة يهديها ماضينا المجيد إلى حاضرنا الزاهر وعلينا أن نحافظ عليها.

ثم يتحدث عن دور المركز في حفظ ذاكرة الوطن وتوثيقها وأهمية هذا الصرح العظيم كبوابة للحاضر نحو الماضي موضحا ان المركز أصدر كتابا خاصا بهذا القصر بعنوان “قصر الحصن.. تاريخ حكام أبوظبي 1793-1966” مستمدا مصادره من السجلات الرسمية للإداريين البريطانيين بمنطقة الخليج.

ويضم الكتاب خمسة فصول هي لمحة تاريخية ثم التحول الاقتصادي والسياسي في مشيخة أبوظبي فصعود أبوظبي للسلطة والشهرة في الفترة/1833-1855/ وأبوظبي المشيخة الرائدة على ساحل الخليج /1855-1909/ وآخر الفصول كان عن نهاية مرحلة وتطورات جديدة /1909-1966/.

ويذكر الكتاب أن قصر الحصن عرف في الوثائق البريطانية بأسماء عديدة أبرزها: / القلعة / و / الحصن/ و / قصر الحاكم / و / دار الحكومة / فهو مقر لحاكم أبوظبي في آواخر القرن الثامن عشر عندما تأسس كحصن صغير حول بئر ماء في موقع إستراتيجي.

ويعتقد أن بناءه كان في 1761م عندما قام الشيخ ذياب بن عيسى بقيادة شعبه من مقر إقامتهم في ليوا إلى أبوظبي التي كان ينظر إليها مكانا مثاليا لرجال قبيلته.

ويشير مدير المركز الى المقتنيات الخاصة العديدة في المركز ومنها عدد كبير من الوثائق التي عرفت بوثائق قصر الحصن يعود تاريخها إلى الفترة الممتدة من عام 1923م وحتى بداية حكم المغفور له بإذن الله – الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان.

كما يشير إلى أن المركز يحتفظ في أرشيفه الخاص بعدد كبير من الصور الفوتوغرافية لقصر الحصن في مراحل عديدة من تاريخه توحي جميعها بأهمية طرازه المعماري القديم.

ويواصل الدكتور الريس الحديث عن طبيعة بناء الحصن ليؤكد ان القلاع والحصون مثلت عبر التاريخ ميزة للمدن والقرى في الإمارات فهي بمثابة معاقل ومقار لإقامة الحكام ولذلك كان قصر الحصن مركزا للحكام من آل نهيان وعصب الحياة السياسية لإمارة أبوظبي.

ويبين أنه، بين جدران مجالس قصر الحصن، اتخذت القرارات المهمة ورسمت السياسات الحاسمة وفي ساحاته كانت تنتظم مجالس الحاكم وهو يستقبل أبناء مجتمعه.. مشيرا إلى أن الرحالة الألماني بورخارت وثق كل ذلك بقلمه وعدسته حين زار مجلس الشيخ زايد بن خليفة عام 1904م.

ويستطرد مدير المركز مؤكدا أن القلاع والحصون من المعالم العمرانية في الإمارات وهي تمثل إرثا عمرانيا صمد أمام عوامل الزمن وظلت له إيحاءاته وبقي له تاريخه الذي ملأ ثغرات في التوثيق التاريخي للبلاد فتاريخ الحصن هو تاريخ أبوظبي.

ويشدد على أن توثيق تاريخ الحصن والقلاع والحصون والقصور الأخرى في الإمارات للأجيال هو واجب وطني نبيل لافتا إلى أن سمو الشيخ منصور بن زايد آل نهيان نائب رئيس مجلس الوزراء وزير شؤون الرئاسة رئيس مجلس إدارة المركز الوطني للوثائق والبحوث يدعو إلى عدم إغفال مئات السنين من تاريخ الإمارات منذ ما قبل قيام الاتحاد.

ويسترجع الريس ما أكدته الوثائق فيقول إن قصر الحصن ظل بعد تشييده محط إعجاب الرحالة والمقيميين السياسيين الذين خلفوا وراءهم قصصا مثيرة عن الحياة في أبوظبي .. فالأمريكي صمويل زويمر زار أبوظبي عام 1901م وهو أول من التقط صورة فوتوغرافية للحصن. وقد لفت نظره الحصن المهيب الخاص بالشيخ ولم تعكس هيبة الحصن حينذاك طبيعة التطور المعماري بل عكست ما تتمتع به مشيخة أبوظبي من سلطة سياسية وعسكرية على ساحل الخليج.

ويضيف أن السير بيرسي كوكس زار أبوظبي في عام 1902م والتقط عددا من الصور الفوتوغرافية وكذلك قام الرحالة الألماني بورخارت بزيارة الساحل المتصالح في 1904م وأقام بضعة أيام ضيفا على الشيخ زايد بن خليفة في أبوظبي وقد كان منظر الرحالة الأجنبي وجهاز التصوير العجيب الخاص به مثار دهشة المجتمع حينذاك.

ويختم مدير عام المركز مؤكدا إن روح المكان ومنزلته تستمد من مكانته التاريخية ومكانة ساكنيه ومن دوره في حركة عجلة الزمن وما يتضافر في قصر الحصن من مزايا تجعل الحفاظ عليه كتحفة من أهم مفردات التراث في بلادنا شكلا من أشكال الحفاظ على الأصالة وفي ذلك تعبير عن الوعي الوطني والوعي القومي وصورة من صور التقدم والحضارة اللتين يجب الحرص عليهما.

Related posts