الطب الشعبي علاج من الطبيعة يمارسه بعض المعالجين بالفطرة أو الوراثة

355 (21)
موقع الطويين : الخليج – بكر المحاسنة
يلعب الطب الشعبي أو الطب البديل في الإمارات دوراً مهماً في كثير من الأحيان وخاصة في الأمراض التي تستعصي على الطب والعلوم المعروفة فهو الدواء الأول للإنسان منذ الأزل والذي استخدمته الحضارات السابقة . وفي الإمارات هنالك العديد من المعالجين بالطب الشعبي . البعض منهم ورثها أباً عن جد والبعض الآخر تعلمها بالفطرة والتجربة والخبرة، وفي نظرة لمصطلح الطب الشعبي فإنه يعني المعارف والمهارات والممارسات القائمة على النظريات والمعتقدات والخبرات الأصيلة التي تمتلكها مختلف الثقافات والتي تُستخدم للحفاظ على الصحة والوقاية من الأمراض الجسدية والنفسية أو تشخيصها أو علاجها أو تحسين أحوال المصابين بها . 
ويشمل الطب التقليدي (الشعبي) طائفة واسعة من المعالجات والممارسات التي تختلف باختلاف البلدان والمناطق، ويُشار إلى هذا الطب، في بعض البلدان، بمصطلح “الطب البديل” أو “الطب التكميلي”، وهو معروف منذ آلاف السنين وأسهم ممارسوه بقسط وافر في تحسين الصحة البشرية . 
في الامارات يمتد هذا الطب في تاريخ البلاد كعروق الدم في جسد الإنسان الذي يسعى إلى العلاج، ويتناقله الأبناء بكل فخر واعتزاز، يقدمون من خلاله فرصة للحياة السعيدة فهو موروث شعبي متأصل في أعماق ونفوس أبناء هذه الأرض . 
وبسبب لجوء الكثيرين لهذا الطب رغبة في تجنب الآثار الجانبية للأدوية الكيمائية انتشرت في الدولة عدد من المراكز التي تهتم بالطب الشعبي الذي يقبل عليه مريدون كثر ولكن في نفس الوقت له معارضون يعتبرونه نوعاً من الدجل وطريقة للكسب بطرق غير شرعية .
ومن أشهر المعالجات بالطب الشعبي حمامة الجنيبي من مدينة الذيد بالشارقة التي ورغم تقدمها الكبير في السن لاتزال تعالج المرضى وتصف لهم دواء شعبياً وتستخدم طريقة الوسم “الكي” في علاجهم، أو الخبانة أو المسح أو طريقة الترصيص للأطفال . 
وتعالج حمامة العديد من الأمراض كالربو وآلام الكلى والكبد الوبائي والعقم وأمراض السكري وارتقاع الضغط إضافة إلى خبرتها الطويلة في علاج الأمراض النسائية بالوصفات الشعبية وتوليدها للسيدات منذ زمن طويل .
حمامة الملقبة “بطبيبة الذيد” طبقت شهرتها الآفاق وباتت نجاحاتها في علاج الأمراض وخاصة المستعصية منها حديث الناس في مختلف إمارات الدولة والدول المجاورة خاصة بعد علاجها ساق شاب مصابة بالسرطان عن طريق الوسم “الكي” وعلاجها العديد من الأمراض التي صعبت على الطب الحديث، إضافة لمعالجتها مشكلات تأخر الحمل عند النساء .
الوالده مريم سالم القايدي من رأس الخيمة تقوم بمعالجة العديد من الأمراض التي تنتشر عند النساء بواسطة خلطات طبية مكونة من الأعشاب والنباتات البرية التي تنتشر في صحراء وجبال الإمارات، حيث تعالج أمراض الرحم وعوارض الدورة الشهرية وآلام ما بعد الولاده بإعطائهن دواء شعبياً من الأعشاب والنباتات البرية التي تطحنها بكمية متساوية وتتناول المريضة ملعقة في الصباح وأخرى في المساء، كما تقدم خلطة مكونة من العديد من الأعشاب البرية وأوراق شجرة السمر التي تفيد العظام والجسم وللعلاج بسرعة من حالات الكسور المختلفة . 
وتقول القايدي: “أقوم بالكشف على المريض من خلال الاستماع إلى شكواه، وبعض الحالات أعتمد فيها على الفحص من خلال النظر في عين المريض ومن خلال ذلك أستطيع معرفة نوع مرضه وماذا يشكو وبعض الحالات تحتاج إلى استخدام اليد في تحديد المشكلة وهي غالباً ما تكون في حالات الورم الخارجي أو الحالات التي يستخدم فيها الوسم “الكي” . 
أما حلاوة خميس سعيد “أم سعيد”: فهي مواطنة من الفجيرة، كان والدها في منطقة الطويين بالفجيرة يقدم ما يمتلك من خبرة لأهل بلده ويمنحهم الفرصة في العلاج عندما كانت المستشفيات شحيحة في ذلك الوقت . 
تمتلك حلاوة المهارة العالية والخبرة الكافية في ممارسة الطب الشعبي بكافة أنواعه، وذلك من خلال استخدام الخلطات المكونة من الأعشاب والنباتات البرية، واستخدام طريقة الكي “الوسم”، والخبانة أو المسح .
وتقول: بدأت الطب الشعبي باستخدام طريقة “الخبانة” لعلاج الكثير من الأمراض وهي طريقة تستخدم فيها أوان فخارية مصنوعة بطريقة دائرية يوضع فيها قطعة أو قطعتان من الفحم وعدد من الحصى وتوقد فيها النار، ومن ثم توضع وهي مقلوبة على المكان المحدد للخبانة من الجسم حتى يصبح الإناء ملتصقاً به، ويتم تحريكه في مكان الألم، وبعد ذلك تعلمت من زوجة أبي استخدام طريق الكي “الوسم” في العلاج كأحد الحلول النهائية للأمراض التي لا تعالج بالخبانة أو بالأعشاب الطبية .
حليمة بنت محمد: تقول: “أقوم بالبحث عن الأعشاب البرية التي تكثر في مواسم هطول الأمطار ومواسم الربيع على جبال الفجيرة وجبال كلباء بنفسي كما أقوم باختيار النباتات من الصحراء وبعد ذلك أعد خلطات معينة من الأعشاب البرية المطحونة وأوراق النباتات البرية كما أعتمد على العلاج بزيت الزيتون وزيت السمسم وملح العريفي، (الملح الطبيعي غير المطحون) ليكون العلاج متوفراً لكافة حالات المرض التي أراها من كافة أنحاء الدولة وخارجها .
وأضافت: أقوم بعلاج مرضى التصلب اللويحي عبر “صبخات” توضع على رأس المريض وأنحاء متفرقة من جسده بطريقة دقيقة والكثير منهم شفوا بالرغم من أن المرض وصل لديهم إلى مرحلة متقدمة، كما أعالج مشكلات تأخر الحمل والإجهاض وتنظيم الدورة والتكيسات في الرحم وكل شيء تعانيه المرأة من خلال استخدام خلطات عشبية، واستخدام مطحون التمر وبذور البان . 
وأشارت بنت محمد إلى أن رحلتها مع الطب الشعبي بدأ منذ كان عمرها 16 عاماً كهواية تمارسها، واعتمدت في ذلك على جدتها التي كانت تمارسها منذ القدم حتى تمكنت من الإلمام بكل ما يخص الأعشاب والنباتات الطبية والخلطات الشعبية وكانت تطبقها على أبناء إخواتها وجيرانها .
بينما تقول مريم سعيد علي من الفجيرة: “أقوم من خلال خلطات عشبية مكونة من تركيبات طبية معينة وبأوزان دقيقة بمعالجة العديد من المشكلات والأمراض وأهمها تأخر الحمل وتأخر الدورة الشهرية باستخدام أعشاب وأوراق نباتات برية، كما أقوم بمعالجة أمراض الشد العضلي في الظهر والجسم عامة والصداع المستمر باستخدام كاسات الهواء والوسم “الكي” وعلاج أمراض الأطفال المتنوعة مثل الحصبة والتهاب اللوزتين والتسقيط في الرأس . 
وأضافت أنها تجمع أعشاب المر والعنزروت، وأورق أشجار السدر، تخلطها مع بعضها وتطحنها، وتوضع بعد ذلك على الكسر مثبتة بواسطة جريد النخيل أو أغصان شجرة السمر، حسب نوع ومكان الكسر ولفها بقماش، ويبقى ملفوفاً على مدار أسبوع كامل حتى يجبر .
وتشير إلى أن التركيبات العشبية للخلطات تعتمد على مقادير دقيقة في الأزان، حيث إن التركيبات العشبية يجب أن تحدد بمقادير دقيقة لخطورتها على صحة الإنسان، وهناك الكثير من الأعشاب آمنة إذا استخدمت بمفردها، إلا أن خلطها بأصناف أخرى يؤدي إلى تشكل مادة سامة على جسم الإنسان . 
وتؤكد “من أكثر الأمراض التي قمت بمعالجتها التأخر في الحمل وضعف المبايض وعرق النساء وغيرها من الأمراض التي أصبحت منتشرة في وقتنا الحاضر” . 
يوسف سعيد المطلعي معالج بالحجامة يقول: “الطب الشعبي لعب دوراً مهماً في العلاج ولا يزال ينافس الطب الحديث في علاج الكثير من الأمراض .
وتعتبر الحجامة من أبرز الممارسات الطبية القديمة التي تسهم في علاج الكثير من الأمراض مثل أمراض المفاصل والصداع المزمن ومرض السكر وعلاج ضغط الدم المرتفع والأمراض الجلدية وحساسية الصدر والشلل المخي للأطفال والشلل النصفي والخمول وتحسين كريات الدم الحمراء والبيضاء والصفائح الدموية وأمراض النساء والعديد من الأمراض التي يصعب على الطب الحديث معالجتها كما تعمل الحجامة على وقاية الجسم من الأمراض وتنشيط الدورة الدموية” . 
وعن الأدوات القديمة يقول المطلعي: “عبارة عن قرون كبيرة للحيوانات وملح ناعم ورماد من شجرة السدر أو السمر للتعقيم إضافة إلى مشرط من الحديد يكون معقماً بواسطة وضعه في منقوع الملح والماء” .

وفرة في الأعشاب

تمتاز الإمارات بوفرة الأعشاب المستخدمة في الطب التقليدي فتربتها الخصبة وجبالها الشامخة تعد بيئة غنية بالنباتات الطبية التي يستخدمها الأهالي في التداوي والغذاء وعن أبرز الاعشاب والنباتات الطبية يقول حميد بن قدور اليماحي باحث وخبير بالأعشاب البرية الطبية: “من أبرز الأعشاب الطبية التي يستخدمها أصحاب الطب الشعبي في معالجة العديد من الأمراض عشبة تركة صالح وتستخدم لعلاج آلام الصدر، وعشبة جيشوم لوجع الإمساك، وعشبة الحرمل لعلاج آلام المفاصل ونفخ البطن والصداع، وعشبة الجعدة لعلاج مغص البطن وامراض البرد و نبات القبقاب لعلاج مرضى آلام الروماتيزم وعشبة الخنصر لعلاج مرض السكر، وعشبة المهتدي تستخدم كفاتح للشهية، وعشبة السريو لعلاج الكسور وأمراض العضلات، وعشبة الفوطن لعلاج الكحة والزكام وآلام المعدة، وعشبة الحلول لمعالجة الإمساك، وعشبة الحميض للأمراض المزمنة على المدى الطويل كما أنها مزيلة للسمنة ومدرة للبول، ولها العديد من الاستخدمات في حياة الأهالي قديماً وحديثاً . 
وهناك أيضاً نبات العنزروت يستخدم لتجبير الكسور ونبات الظفر لعلاج الأعصاب والشد العضلي ونبات الفوطن لعلاج آلام الأمعاء والزكام ونبات الشوع لعلاج الاسقربوط والتهاب القناة التنفسية كما أن أوراق شجرة السمر يستخدم في علاج الزكام، ومطحون الأزهار يستخدم في علاجات الجلد والشعر ويستخدم مخلوط أزهار وأوراق السمر في علاج مرض الجدري والسل والمقوعة والحصبة وغيرها من الأمراض .

Related posts