خطأ فى قاعدة بيانات ووردبريس: [Unknown column 'pn.mail_to_default' in 'field list']
SELECT n.*, pn.title, pn.text, pn.tooltip, pn.text_format, pn.use_short_url, pn.icon_image, pn.profile_name, pn.mail_to_default FROM `wp_supsystic_ss_projects` AS p LEFT JOIN `wp_supsystic_ss_project_networks` AS pn ON p.id = pn.project_id LEFT JOIN `wp_supsystic_ss_networks` AS n ON pn.network_id = n.id WHERE p.id = 2 ORDER BY pn.position ASC

صور : «راشد» رجل دولة مرموق اكتسب الاحترام المحــلي والدولي وبنى مع زايد والحكام صرح الاتحاد المتين - موقع الطويين - بوابة الفجيرة

موقع الطويين : البيان

يبقى الحديث عن الرجال الكبار في تاريخ الإمارات محفوراً في الذاكرة، فسيرهم وإنجازاتهم للوطن تتحدث عن ذاتها ولا سيما للجيل الحاضر من الشباب من أبناء الوطن الذين هم عماد المستقبل، وعليهم المعول في إدارة دفة الأمور، لأنه في سير هؤلاء الكبار نقاط مضيئة تساعد الأذهان على التفكير العميق.

وعلى استيعاب كل ماهو نافع، وتمر هذه الايام الذكرى الثانية والعشرون لرحيل المغفور له بإذن الله الشيخ راشد بن سعيد آل مكتوم ما يستوجب عرض بعض من ملامح حياة رجل دولة، ففي تاريخ الإمارات ما ينبئ أن هذه البلاد أنبتت رجالاً كباراً لعبوا دوراً مهماً في تاريخ هذه المنطقة، وكان راشد بن سعيد، رحمه الله، أحد هؤلاء الرجال، رجل الدولة المرموق الذي تمكن من كسب احترام الآخرين في الداخل والخارج، لا سيما من دول الجوار، والذي بنى مع زايد والحكام صرح الاتحاد المتين .

والإمارات على هذا المنوال مستمرة في إخراج الرجال في قيادة الدفة، بينما يثبت صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد أنه يقتفي معالم طريق من سبقوه. ويقول صاحب السمو الشيخ محمد في كتابه «رؤيتي»: «نحن حملنا راية والدنا، مثلما حمل هو راية والده قبله، وتابعنا المسيرة، كل الفرق أنه كان يقوم بأعمال في الستينات والسبعينات، بينما نقوم نحن بأعمال مشابهة في العقود التي بعدها، لكن الهدف واحد، وهو تنمية دبي وضمان مستقبل المواطنين والمقيمين والسهر على راحتهم وأمنهم في بيوتهم ومدينتهم».

والشيخ راشد طيب الله ثراه انتقل ،رحمه الله، إلى جوار ربه في السابع من شهر أكتوبر عام 1990 الموافق الثامن عشر من شهر ربيع الأول عام 1411هـ عن عمر يناهز 78 عاماً قضاها في خدمة أمته ووطنه ومواطنيه وبذل خلالها كل ما يملك من طاقة في سبيل تحقيق الخير والرخاء والاستقرار للوطن والمواطن.

واليوم يقف أبناء الإمارات فخورين ومتباهين بالانجازات التي حققها فقيد البلاد الراحل الشيخ راشد بن سعيد آل مكتوم راعي المسيرة والبناء، وكان الشيخ راشد رجلاً سياسياً قديراً استطاع أن يخلق علاقات أخوية وثيقة بينه وبين حكام العرب والعالم في كل الظروف وفي جميع الأزمنة، حيث كان اتحاد الإمارات لبنة من لبنات أفكاره العظام التي امتزجت بطموحات أخيه المغفور له بإذن الله الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان.

مجلسه المسائي

وفي الشأن المحلي والسياسي، كان الشيخ راشد بن سعيد يمثل حجر الأساس في بناء دبي، والذين عاصروه واحتكوا به يتذكرون هذا الجهد والنشاط والعزيمة والإصرار على أن يجعل دبي رائدة في كل مجال عمراني وتنموي، وأن يجعل دبي المكان الذي يحبه كل زائر وسائح وتاجر. ويذكر الكثيرون أن مجلسه المسائي في جميرا كان يحتوي حفل عشاء أكثر من مرة في الأسبوع، وكان المدعوون إليه، بالإضافة إلى رواد المجلس، زوارا من الخليج ومن إيران والهند وباكستان، وكانوا تجارا ورسميين وغير رسميين، وكان كل واحد منهم يعتقد أن الحفل أقيم من أجله وترحيباً به.

وأبرز ما كان يميز شخصية الشيخ راشد عن كثير من الزعماء الآخرين، عفويته وبساطته اللتين كانتا يضرب بهما المثل، حيث كان بسيطاً في مأكله وملبسه ومركبه وقيامه وقعوده. وكان الأجانب يستغربون وجود قائد له سمعته واسمه بهذه البساطة والعفوية، وكان صبوراً على الشدائد ودبلوماسياً من الطراز الأول كما كون مدرسة خرجت الكثير من الشخصيات المهمة في البلاد.

رجل الدولة المرموق

وكان الشيخ راشد رجل دولة مرموقاً، تمكن من كسب احترام الآخرين في الداخل والخارج، لا سيما من دول الجوار، ومن القريب والبعيد. وكان يحترم تعهداته واتفاقياته مع الغير مهما كلفه ذلك وكان حريصاً كل الحرص على الاحتفاظ بعلاقات متوازنة وودية وبعيدة عن أي مشاكل قد تجلب اضطراباً في علاقاته بالغير وخاصة مع الدول الإقليمية، في حين كان يرى أن الازدهار التجاري لدبي قائم على الحيادية والعلاقات الودية بين دبي وكل الأطراف.. وبصفته رجل دولة سار على درب أبيه وجده في احترام حقوق التجمع الحضري في دبي باعتباره جزءاً من ازدهار بلده، مرسخاً هذه القاعدة المدنية كي يمشي عليها الأبناء من بعده.

وضرب حسين مثالاً على الروح المدنية التي كان يتحلى بها الشيخ راشد قصة إعطاء الناس استمارات لتعبئة البيانات المطلوبة للحصول على جنسية الدولة عام 1972، فقد عرف الشيخ راشد أن هناك إشكالية حدثت في ملء خانة «القبيلة» والتي وضعت لاستكمال بيانات عن الشخص، حيث كان الكثيرون لا يعرفون إلى أي قبيلة ينتمون، فأمر باعتماد المواطنة حسب القانون.

وحتى اليوم وغدا ستظل إنجازات الراحل الكبير قائمة، فلا توجد مؤسسة حكومية مدنية أو عسكرية إلا وللشيخ راشد بصمات واضحة عليها، فقد اهتم بإنشاء المؤسسات الحكومية في جميع الميادين، مثل بلدية دبي والمحاكم ودائرة الأراضي ودائرة المياه وشركة الكهرباء وشركة اللاسلكي، وكان يدرك أهمية مأسسة الحكم وإنشاء أنظمة إدارية تحاكي مثيلاتها في الأمم الأخرى.

الفكرة الوحدوية

وأصر الشيخ راشد على أن يبدأ تكوين الدولة بفيدرالية اتحادية، كما هو عليه الوضع حالياً، وليس بوحدة اندماجية، وأثبتت الأيام أن راشد بن سعيد، كان على صواب، وأن دولة الإمارات بهذا التكوين الفيدرالي المتمدن الذي تمّ، أحسن حالاً في نواح كثيرة من دولة تهيمن على نظامها المركزية واتفقت رؤية الشيخ راشد مع رؤية إخوانه حكام الإمارات على أنه لابد من قيام الاتحاد بين الإمارات التي تجمعها سمات مشتركة تمثلت في وحدة التاريخ والجغرافيا والثقافة والعادات والتقاليد والملامح السياسية، فكان الإعلان رسميا عن قيام دولة الإمارات العربية المتحدة في الثاني من ديسمبر 1971.

وشارك الشيخ راشد بن سعيد آل مكتوم في قيادة دولة الإمارات العربية المتحدة مع أخيه المغفور له الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان مساهماً بشكل فعال في بناء الدولة وتدعيم الاتحاد ثم عاملا يداً بيد مع أخوته حكام الإمارات على دفع عجلة التقدم والتنمية وتحقيق الرخاء للمواطنين، تاركاً وراءه سجلا من الأعمال والإنجازات التي حازت على احترام العالم لقائد تفانى في خدمة وطنه وتحقيق حلم الاتحاد.

وأعلن عقب تشكيل الحكومة في الأول من يوليو عام 1979 الخطوط العريضة للسياسة التي تنتهجها الحكومة فقال: “إنني إذ أقدر ضخامة المسؤولية أرى لزاماً علي أمام أهلي وبلدي أن أكون واضحاً بما أنادي به وبما أعتقد أنه كفيل بتحقيق الأهداف التي من أجلها تقبلت حمل الأمانة. إنني والوزراء لا نعد بتحقيق المعجزات ولكننا سنبذل أقصى ما نستطيع للسير باتحادنا قدماً في شتى الميادين السياسية والاقتصادية والاجتماعية وهذا يتطلب أول ما يتطلب مشاركة المواطنين كل في اختصاصه وميدان عمله في تحمل المسؤولية وأداء الواجب فالمسؤولية بيننا مشتركة جميعاً ولا مجال للتهرب منها.”

كان الشيخ راشد حريصاً على مصالح الإمارات وقضايا أمته العربية والإسلامية إيمانا منه بعدالة قضاياها، فقد عارض بقوة احتلال إيران لجزر الإمارات العربية المتحدة الثلاث أبوموسى وطنب الكبرى وطنب الصغرى، وقدم مذكرات عديدة للمسؤولين الإيرانيين وأصدر بيانات بانتظام بهدف إبقاء هذه القضية حية في أجهزة الإعلام والمحافل الدولية ولدى الجماهير.

حنكة وخبرة

ولم يكن الشيخ راشد بجديد على الإدارة السياسية فقد شارك والده الشيخ سعيد بن مكتوم آل مكتوم في تسيير أمور الحكم في إمارة دبي منذ عام 1939 وانعكست خبرته السياسية على إدارته لشؤون الدولة بعد قيام الاتحاد وثم على رئاسته لمجلس الوزراء، فحققت دبي تحت إدارته طفرة تنموية شملت إنشاء الطرق والكباري التي تربط شطري الإمارة وتوسيع خور دبي وتعزيز موقعها التجاري بإنشاء مزيد من الموانئ فأصبحت دبي مركزاً تجارياً بين الشرق والغرب ولم ينقصها سوى أن تصبح جزءاً من كيان عربي أكبر له ثقله السياسي إقليمياً وعالمياً شارك راشد بفاعلية في بنائه.

قبيلة بني ياس

ولد المغفور له (بإذن الله) الشيخ راشد بن سعيد بن مكتوم بن حشر بن مكتوم بن بطي بن سهيل الفلاسي، ينحدر من قبيلة بني ياس وينتمي إلى قبيلة آل بوفلاسة عام 1912م، ونشأ في كنف والده الشيخ سعيد بن مكتوم آل مكتوم الذي اشتهر بالورع والتقوى وسمو الأخلاق وحبه الكبير لمواطنيه وترعرع الشيخ راشد في كنف والدته المرحومة الشيخة حصة بنت المر التي كانت لها مكانة خاصة في نفوس المواطنين. وهي كما يقول أهل دبي: ‘إن حصة بنت المر كانت أماً ليست لراشد فحسب، بل أماً لدبي أجمعها’.

ونشأ راشد في جو يسوده التقدير والاحترام المتبادل بين الحاكم والرعية.. وفي مناخ ديمقراطي فريد يقف فيه المواطن حراً طليقاً بفكره ولسانه ومنطقه أمام حاكم البلاد، معبراً عما يجول في نفسه دونما خوف أبداً.

كان راشد يراقب عن كثب أسلوب والده، المغفور له الشيخ سعيد بن مكتوم آل مكتوم، فاقتبس ما شاء له أن يقتبس من صور تمثل الديمقراطية كما عرفها المجتمع المحلي دونما زيف أو تلوين، تلك الديمقراطية التي كانت تنبع من منبع عربي إسلامي بدوي أصيل.

ومما لاشك فيه أن الشيخ سعيد، والشيخة حصة بنت المر، كانا المؤثرين في حياة راشد، فهما اللذان أحاطاه بالرعاية والعناية الأبوية..وتلقى الشيخ راشد بن سعيد آل مكتوم دراسته الأولى في الكتاتيب في ذلك العصر الذي كانت تفتقر فيه المنطقة إلى وجود المدارس النموذجية، وتعلم سموه من علوم الفقه واللغة العربية التي كانت توفرها تلك المدارس في ذلك الحين.

ومع بداية الدراسة النظامية بمدرسة الأحمدية التي أسست في أوائل هذا القرن ببر ديرة كان الشيخ راشد من أوائل الطلبة المنتظمين في فصولها، وكان الشيخ راشد أصغر تلاميذ المدرسة حيث نهل العلم من خيرة المعلمين الذين كانت تستوعبهم تلك المدرسة، فتفقه في العلوم الدينية إلى جانب علوم اللغة العربية والتاريخ والحساب والجغرافيا في وقت مبكر من عمره.

الهيبة والوقار

في عام 1924 كان الشيخ راشد بلغ الثانية عشرة من عمره وأصبح ذا شخصية قوية ذات تأثير فعال أضفت على مظهره الهيبة والوقار وتواضعا فرض على الآخرين تقديره واحترامه وكان يعرف (بالشاب الجاد) لما اتسم به من الجدية والصراحة.

في عام 1932 اقتنى الشيخ راشد أول سيارة له بعد أن كان يركب حصانه (الصقلاوي) التي كانت تربطه به علاقة حميمة.

في التاسع والعشرين من مارس عام 1939 شهدت دبي احتفالا بزفاف الشيخ راشد بن سعيد إلى الشيخة لطيفة بنت حمدان آل نهيان.

وتجلت براعة الشيخ راشد في إدارة الأزمات في موقفه الثابت إزاء الفوضى التي ظهرت مع انتشار السلب والنهب إبان الحصار الاقتصادي الذي فرضه البريطانيون على إيران التي كانت تساند دول المحور في الحرب، ففرض البريطانيون على دبي حظرا على استيراد وتصدير المواد الغذائية، فما كان من الشيخ راشد إلا أن سعى لتوفير المواد الغذائية لرعاياه بأسعار تتلاءم مع المستوى الاقتصادي من أصحاب البقالات وأدخل نظام البطاقات التي سمح للمواطن بالحصول على الحصة الشهرية من المواد الغذائية.

باني دبي

واتبع الشيخ راشد خلال فترة حكمه منهجاً دقيقاً منظماً لمتابعة الأعمال والمشاريع ضمن جدول يومي، كان يقوم بجولتين في مدينة دبي يومياً يتابع فيهما المشاريع.

وكان من عادته ألا يكتفي باستطلاع سريع بل كان يتابع أدق التفاصيل لأي مشروع قيد التنفيذ في دبي. كان يتابع كل شيء بنفسه خطوة خطوة، ووفرت له جولاته تلك فرصة الالتقاء بعامة الناس عن قرب. “وبعد عودته من جولاته اليومية كان يمضي كثيراً من الوقت في أعماله الرسمية من خلال مجلسه الذي يتيح الفرصة للناس للالتقاء به حيث يشاركهم قضاياهم ويصغي لمطالبهم.

واهتم الشيخ راشد ،رحمه الله، بهذا المجلس بالغ الاهتمام” وحظي بإعجاب الجميع لما تحلى به من حلم وصبر إذ كان يصغي لكل رأي أو مظلمة. ضامناً للجميع أفضل الحلول للقضايا والمشكلات وموفراً المساعدة لكل فرد”.

لقد كان المجلس يضم أشخاصاً من جنسيات متعددة وفر لهم قاعدة للحوار البناء. وضم فيمن ضم رجالاً يعتد برأيهم. وكانت تتم في المجلس دراسة المشاريع دراسة وافية والنظر إليها وإلى مراحل تطورها مما يؤدي إلى تفهمها التام من قبل أعضاء المجلس. وواصل الشيخ راشد رحمه الله البناء بكل إرادة وعزم مؤمناً إيماناً مطلقاً بكل ما يفعل وبأن حلمه الذي رفده بكل ما يملك من عزيمة لم يكن ضرباً من المستحيل.

وفي العاشر من سبتمبر من عام 1958 توفي الشيخ سعيد بن مكتوم حاكم دبي، وتولى الشيخ راشد مقاليد الحكم في الرابع من أكتوبر عام 1958، بعد أن استمر في ولايته للعهد لمدة عشرين عاما، انصرف الحاكم الجديد لإدارة شؤون إمارته بنفس الهمة والعزم ونفاذ البصيرة الذي عرف عنه.

راشد حاكم موهوب منحه الله صفات القائد الناجح

 أكد معالي الفريق ضاحي خلفان تميم في كتابه عن المغفور له بأذن الله الشيخ راشد بن سعيد آل مكتوم إن لكل قائد صفات معينة يجب توافرها فيه لكي يمتلك عوامل النجاح القيادية، ومن دون تلك الصفات فإنه بلا شك لن يكون قادراً على التأثير فيمن حوله تأثيراً يمكنه من تسيير دفة الأمور على الوجه الأكمل. وكان لدى المغفور له (بإذن الله) الشيخ راشد صفات قيادية متميزة، فهو بحق قائد موهوب منحه الله صفات القائد الناجح، ومن أبرز تلك الخصال:

تحديد الهدف حيث كان المغفور له الشيخ راشد يملك من صفات القادة الناجحين، القدرة على تحديد الهدف، فليس بمقدور كل إنسان أن يحدد هدفه، وكثيرون هم أولئك الذين يتيهون في دوامة تزاحم الأهداف إلا القليلين الذين لديهم الاستعداد من جميع الجوانب في القدرة على تحديد أهدافهم. وكان يملك قدرة رؤية هدفه الذي يسعى إلى تحقيقه، ويتمكن بكل سهولة واقتدار من تحديد أهدافه دون لبس أو غموض، ما أهله إلى شفافية الرؤية.

تحقيق الهدف

وتحقيق الهدف حيث إن العبرة في تحديد الهدف تأتي بالقدرة على تحقيقه، والشيخ راشد كان قادراً على الوصول إلى الهدف والمبتغى المنشود، نادراً ما تتحقق لغيره، وبأقل النفقات وأيسر الطرق قدرة تذهل كل من حوله، وتبعث في نفسه الدهشة. وتمكن الشيخ راشد من اتخاذ القرارات القوية والحازمة، وذلك دليل العزيمة الكافية المقتدرة. وكان راشد لا يعرف التسويف أو التردد على الإطلاق. ولهذا كانت قراراته تاريخية.

ومن بين الصفات القيادية لهذا الرجل قوة الذاكرة وهي التي تلعب دوراً مهماً ورئيسياً في حياة الإنسان وبالتالي لا ينسى، حيث ترك لدى جميع المسؤولين انطباعاً عما يمتلك من قوة في الذاكرة تجعله ملماً إلماماً كبيراً بما يحيط به، ومن يملك كل ذلك تكون لديه القدرة على المتابعة.

وتمتع الشيخ راشد بلياقة بدنية عالية مكنته من القيام بواجبات الحكم والمتابعة الناجحة لكل ما يصدره من قرارات وتعليمات، وكانت تلك القدرة البدنية هبة من رب العالمين لأولئك الذين اصطفاهم واختارهم لتولي المسؤوليات الجسام كي يتمكنوا من تحقيق أهداف وآمال أمتهم.

وهب الله الشيخ راشد ميزات الشخصية القيادية الناجحة. فقد كان في مظهره العام، شخصية ذات هيبة وذات تأثير فعال تستوجب على الآخرين تقديرها واحترامها فحُسن طلعته، وطول قامته، وثبات خطوته، وقوة حجته، وسعة درايته، كلها جعلت منه حاكماً له الهيبة المبنية على التقدير والحب والوقار.

واستخدم الشيخ راشد التخطيط المستقبلي بأشكاله كافة في بناء نهضته الشاملة وسيرته الخيرة، سواء كان ذلك بالنسبة لرقي وتطوير إمارة دبي، أو في ما يتعلق ويختص بالمسيرة الاتحادية التي يشكل أحد أبرز أقطابها. واستخدم الشيخ راشد التخطيط طويل المدى وقصير المدى، فكان إذا ارتأى أن الحاجة تدعو إلى خطة قصيرة، شرع في تنفيذها، أما إذا أراد أن يضع خطة طويلة الأجل، فإن تخطيطه يكون مثاراً للإعجاب والدهشة.

تحليل ومقارنة

ومن بين خصاله وصفاته الكثيرة القدرة على التحليل والمقارنة، فالشيخ راشد كان رجلاً وحاكماً من النوع الذي يعتمد اعتماداً كبيراً على التحليل والمقارنة. وكان ذلك الأسلوب واحداً من أساليبه التي اعتمد عليها في ممارسة مهامه ومسؤولياته المنوطة به كرجل يعتلي سدة الحكم وقمة المسؤولية في هذه البلاد.

وكان الشيخ راشد يملك القدرة على اختيار الوقت المناسب لتنفيذ عمل ما، فلم ينفذ أية خطة من خطط التنمية بكافة أشكالها، إلا واختار لها الوقت المناسب، لذلك حينما كان يريد أن يعلن عن مشاريع اقتصادية أو عمرانية أو اجتماعية أو ثقافية أو غيرها، كان الإنسان المواطن وغير المواطن يشعر بقوة ذلك الإعلان، وجدوى ذلك القرار، لذلك كنت ترى الناس وقد ظهرت عليهم علامات الإعجاب والتقدير لتلك الخطوة التي أقدم على تنفيذها الفقيد الكبير. وامتلك الشيخ راشد القدرة على اختيار الرجل المناسب ليعمل في المكان المناسب بفراسة اكتشاف الرجال القادرين على تحمل المسؤوليات وأداء المهام المنوطة بهم.

 مواجهة الضغوط

 الشيخ راشد كان لديه القدرة النفسية والذهنية، ما أهله لمواجهة الضغوط المتزامنة، سواء السياسية منها أو الاقتصادية وخلافهما، وبالتالي واجه المشاكل التي اعترضت طريقه بكثير من ضبط النفس، وعدم الانفعال النفسي الذي قد يؤثر في اتخاذ القرار، وكان يملك قدرة نفسية وذهنية حاضرة إزاء المشكلات التي تواجهه، ما مكنه من حلها بالأسلوب الأمثل مستغلاً في ذلك قدرته على اتخاذ القرار الحاسم.

 المتابعة

كان الراحل الكبير قائداً فذاً.. وامتلك القدرة على متابعة قراراته متابعة مثالية. فهو لم يكتف أبداً بمجمل تقارير كتابية كانت أم شفوية، بل إن المتابعة الميدانية كانت واحدة من أساليبه القيادية الناجحة. ولم يكتف فقط بمتابعة القرار والتأكد من تنفيذه، بل كان يشجع كل مجتهد ومخلص ومتفانٍ على مرأى ومسمع من الناس، مما أعطى المسؤولين حافزاً للمثابرة والحماس في أداء المهام المنوطة بهم.